top of page
Search

اكتمل بذاتك… ثم اختر الحب من مكان قوة

ree

هل أنت مكتمل بذاتك أم لا؟



السؤال يبدو بسيط لكنه يحمل جوهراً حساساً لأن طريقة نظرتك لنفسك تحدد شكل علاقاتك كلها والفرق كبير بين إنسان يرى نفسه ناقصاً يحتاج من يكمله وبين إنسان يشعر أن داخله ممتلئ ومستقر مهما كان وضعه العاطفي فالاكتمال ليس فكرة في العقل ولا فكرة تقولها لتقنع نفسك بل حالة داخلية تعيشها شعوراً وسلوكاً وصوتاً من جوّا يشبه الأرض الثابتة تحت خطواتك

الكثيرون حين يُسألون هل أنت مكتمل؟ يجيبون بسرعة نعم طبعاً أنا مكتمل لكن الحقيقة أن الاكتمال الحقيقي يظهر في تصرفات الإنسان في طريقة تعلقه أو عدم تعلقه في طريقة طلبه للعلاقة أو انسحابه منها في قدرته على أن يكون بخير سواء عاش الحب أو لم يعيشه الاكتمال حالة داخلية تتجسد في طريقة الحب التي تعطيها لنفسك وفي الطريقة التي تواجه فيها الحياة

أن تكون مكتملًا لا يعني أنك لا تريد علاقة أو لا تحتاجها ولا يعني أنك تعيش الانعزال الاكتمال يعني أنك ترى العلاقة مساحة توسع لا مساحة إنقاذ مساحة تضيف لك لا تعوّض نقصاً فيك مساحة تلتقي فيها مع شخص آخر كامل بحيث يصبح وجودكما معاً أكبر وأغنى وليس اثنان يبحثان عن قطعة مفقودة في بعضهما

عندما يرى الإنسان نفسه ناقصاً يدخل العلاقة وكأنه يركض وراء هواء يتشبث بعلاقة غير مناسبة يخاف الترك يخاف الوحدة يخاف فكرة أن يكون وحده أما الشخص المكتمل فيدخل العلاقة من مكان ثابت لأنه يعرف قيمته ويعرف ما يريد وليس مضطراً أن يتشبث بشيء لا يشبهه

الإنسان غير المكتمل يعيش حالة غشاوة لأنه لا يرى نفسه بوضوح ولا يعرف احتياجاته الحقيقية فتكون اختياراته في الحب وفي الحياة مشوشة أما الإنسان المكتمل فيتحرك بوضوح يعرف ما يريد وما لا يريد ويعرف أن أي علاقة لا تبني روحه ليست مكانه

الإنسان الذي يسعى للحب بدافع الخوف يعيش مشاعر القلق والغيرة والألم والأحكام والاحتياج أما الإنسان الذي يتحرك بدافع الحب يعيش الانفتاح والصدق والشجاعة والطمأنينة الحب الحقيقي لا يولد الكراهية بل يولد السلام أما الكراهية فهي نتيجة الجرح والغرور وليست نتيجة الحب

حين ترى نفسك ناقصاً تجذب علاقات ناقصة علاقات مبنية على التعلق أو الأذى أو الغيرة أو السيطرة أو الخوف أما حين ترى نفسك كاملًا تجذب علاقة مختلفة علاقة فيها نضج واتساع فيها حضور روحي وفيها انسجام بين شخصين يعرفان أنفسهما جيداً وفيها التكامل لا الاعتماد المَرَضي لأن الإنسان المكتمل قادر أن يعيش وحده لكنه يختار العلاقة لأنه يريدها لا لأنه يحتاجها

ولكي تصل إلى شعور الاكتمال تحتاج أن تبدأ من الداخل أن تنظر إلى نفسك بصراحة كاملة أن ترى الأشياء التي لا تحبها فيك دون جلد ودون تهرب وأن تدرك أن هذه الجوانب بكل ضعفها وعيوبها كانت سبباً في تشكيل قوتك ونضجك اليوم وأن تعرف أن الأشياء التي تكرهها فيك هي جزء من رحلتك وأن بدونها لم تكن لتصل إلى الجمال الذي تحبه في نفسك

ثم عليك أن تراجع الأشياء التي تحبها فيك قدراتك صفاتك قيمك اللحظات التي شعرت فيها بالفخر الإنجازات التي لمست داخلك شيء حي كل هذا يشكل صورتك الداخلية التي تحتاج أن تحبها كما هي لا لأنك كامل بلا نقص بل لأنك إنسان في رحلة والنقص جزء من الرحلة وهو لا يلغي قيمتك

الاكتفاء الذاتي ليس انعزالاً بل سلام داخلي أن تكون بخير مع نفسك أن تحب قضاء الوقت وحدك أن تشعر أنك شركتك الأولى وأن وجودك مع شخص آخر هو اختيار جميل وليس ضرورة للبقاء وأن سعادتك ليست معلقة على وجود أحد لأن السعادة الحقيقية ممكنة الآن في لحظة وجودك وحدك لا تحتاج انتظار علاقة ولا تحتاج شخصاً ليمنحك الشعور الذي يجب أن يصدر منك أولاً

الحياة لا تنتظر العلاقة كي تبدأ الكثيرون يؤجلون السفر الهوايات الخطط الطموحات وحتى الخطوات البسيطة لأنهم ينتظرون شخصاً يشاركهم ولكن الحقيقة أن تأجيل الحياة يسرق العمر لا تنتظر ابدأ بما تريده الآن عش ما تستطيع الآن افعل ما يسعدك الآن واسمح للعلاقة عندما تأتي أن تكون إضافة وليس نقطة بداية لحياتك

وعندما تبدأ برؤية نفسك كإنسان مكتمل تتغيّر كل طريقة تعاملك مع الحب لا يعود الخوف سيد الموقف ولا التعلق ولا الحاجة ولا الانتظار لأنك تصبح ثابتاً تعرف قيمتك وتعرف أنك بخير سواء كنت مع أحد أو بدون أحد وعندما تأتي العلاقة تأتيك الشخص الذي يرى اكتمالك لا الشخص الذي يريد أن يملأ فجواتك وتصبح حياتك أهدأ وأوسع وتكتشف أن الحب الحقيقي يبدأ من اللحظة التي تقول فيها لنفسك أنا كامل كما أنا وأي علاقة سأدخلها ستكون مساحة نمو لا مساحة إنقاذ

 
 
 

Comments


bottom of page